أحزان أهل البيت عليهم السلامتغطيات

“حقيقة العمل” ملا هادي الساعي | ١ محرم ١٤٤٢هـ

ارتقى المنبر ملا هادي الساعي وكان موضوع حديثه بعنوانحقيقة العمل، وقد بين أن عمل الانسان سواء كان صالحا أم سيئا له حقيقة، ولهذاالعمل باطن، هذه الحقيقة قد لا يدركها الانسان بحواسه المادية في هذه الدنيا لوجود الحجب، مستشهدًا بالآية ٢٢ من سورة ق: ﴿لَّقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْهَٰذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ).

وقد ذكر أيضا عددً من روايات أهل البيت المبينة لحقيقة عمل الإنسان، ففي الرواية عن أمير المؤمنين عليه السلام قال:تعطروا بالاستغفار لاتفضحكم روائح الذنوب، وقد بينت الرواية أهمية المبادرة بالإستغفار لأن الإستغفار له رائحة طيبة تقضي على رائحة الذنب العفنة، وكما يبادرالإنسان الذي تلازمه رائحة كريهة للتعطر بالرائحة الطيبة، فكذلك للذنب رائحة كريهة تزال بالاستغفار.

ويتبين لنا في رواية أخرى بأن حقيقة العمل وباطنه قد يكون مغايرا لظاهره، كما يكون في حال الصائم الذي تظهر من فمه رائحة منفرة، ولكنها فيحقيقتها التي لا يدركها الانسان رائحة يحبها الله، تقول الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وآله:لخلوف فم الصايم أطيب من رائحة المسك عندالله“.

وقد بين الخطيب عن طريق الروايات أن الأعمال لها ظاهر وباطن، وأن الإنسان لا يمكنه من رؤية حقيقتها لوجود الحجب على بصره وبصيرته، وإنه لايستطيع رؤيتها على حقيقتها إلا بارتفاع هذه الحجب، وقد روي عن أبي بصير وكان ضريرا أنه قال كنت مع الباقر عليه السلام في الطواف ببيت اللهالحرام، فسمعت كثرة الضجيج، فقلت له: يا مولاي ما أكثر الحجيج وأعظم الضجيج.
فقال لي أبو جعفر الباقر عليه السلام: يا أبا بصير ما أكثر الضجيج وأقل الحجيج، أتحب ان تعلم صدق ما أقوله؟ وتراه بعينك؟
قلت: وكيف لي بذلك يا مولاي؟!
فقال عليه السلام: ادن.
فدنوت منه، فمسح بيده على عيني، فدعا بدعوات، فعدت بصيرا، فقال لي: انظر يا أبا بصير إلى الحجيج.
فنظرت، فإذا أكثر الناس قردة وخنازير والمؤمن بينهم مثل الكوكب اللامع في الظلمات فقلت: صدقت يا مولاي، ما أقل الحجيج وأكثر الضجيج، ودعابدعوات فعدت ضريرا.

جاء في الرواية:قال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله: يا رسول الله فداك آباؤنا وأمهاتنا إن أصحاب المعروف في الدنيا عرفوا بمعروفهم فبميعرفون في الآخرة؟
فقال: إن الله تبارك وتعالى إذا أدخل أهل الجنة الجنة، أمر ريحا عبقة طيبة فلزقت بأهل المعروف فلا يمر أحد منهم بملأ من أهل الجنة إلا وجدوا ريحهفقالوا: هذا من أهل المعروف“.

اذا كانت الاعمال لها راوائح ولها حقائق غير التي نراها؟ وإذا كان العمل الصالح له رائحة طيبة يحبها المؤمن إذا انكشف له الغطاء، وتحبها الملائكة،ويحبها الله، فكيف تكون رائحة ذكر اهل البيت عليهم السلام؟ وكي كيف تكون حقيقته؟ وكيف هي منزلته عند الله تعالى؟

في الرواية عن الإمام الصادق عليه السلام: أيما مؤمن صلى على محمد وآل محمد، حضر عنده نور رسول الله ساعة احتضاره عندما لا ينفعه أحدولا يستطيع شيئا، فيضع فمه على فم المؤمن ويقبله، ويكون كمن هو في صحراء شديدة الحرارة واشتد به العطش، فسقي بكأس من ماء أحلى منالعسل وأبرد من الثلج. وإذا وضع في قبره وجاء الملكان، فاح في قبره عطر يشمانه، فيقولان لبعضهما البعض إنها رائحة نبي آخر الزمان فلنعد،فيتركانه.

وقد بين الخطيب أن ذكر اهل البيت عليهم السلام ومجالس الحسين عليه السلام عمل يحبه الله سبحانه، وهي مجالس تحضرها الملائكة.

وفي الرواية أن جعفر بن عفان الطائي دخل على أبي عبد الله الصادق عليه السلام فقربه و أدناه، ثم قال: يا جعفر قال: لبيك جعلني الله فداك، قال:بلغني أنك تقول الشعر في الحسين عليه السلام وتجيده، فقال له، نعم جعلني الله فداك، قال: قل فانشد، فأنشد فبكى عليه السلام ومن حوله حتىصارت الدموع على وجهه و لحيته، ثم قال: ياجعفر والله لقد شهدت ملائكة الله المقربون ههنا يسمعون قولك في الحسين عليه السلام ولقد بكوا كمابكينا أو أكثر، ولقد اوجب الله تعالى لك يا جعفر في ساعتك الجنة بأسرها وغفر لك، ثم قال: يا جعفر الا أزيدك؟! قال: نعم يا سيدي، قال: ما من أحدقال في الحسين شعرا فبكى و ابكى به إلا أوجب الله له الجنة وغفر له.

احياء شعائر الحسين، ومجالس الحسين تحاط بهكذا عناية إلهية خاصة جدا، وتنتظرها الملائكة كل عام، جاء في الرواية عن مسمع بن عبد الملككردين البصري أنه قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: يا مسمع أنت من أهل العراق، أ ما تأتي قبر الحسين عليه السلام؟!

قلت: لا أنا رجل مشهور عند أهل البصرة وعندنا من يتبع هوى هذا الخليفة، وعدونا كثير من أهل القبائل من النصاب وغيرهم، ولست آمنهم أن يرفعواحالي عند ولد سليمان فيمثلون بي.
قال لي: أفما تذكر ما صنع به؟
قلت: نعم.
قال: فتجزع؟
قلت: إي و الله، وأستعبر لذلك حتى يرى أهلي أثر ذلك علي، فأمتنع من الطعام حتى يستبين ذلك في وجهي.
قال: رحم الله دمعتك، أما إنك من الذين يعدون من أهل الجزع لنا، والذين يفرحون لفرحنا ويحزنون لحزننا، ويخافون لخوفنا ويأمنون إذا أمنا، أما إنكسترى عند موتك حضور آبائي لك، ووصيتهم ملك الموت بك وما يلقونك به من البشارة أفضل ولملك الموت أرق عليك وأشد رحمة لك من الأم الشفيقة على ولدها.
قال: ثم استعبر واستعبرت معه.
فقال: الحمد لله الذي فضلنا على خلقه بالرحمة وخصنا أهل البيت بالرحمة.

هذا التفجع من يستطيع ان يلغيه أو ينهيه من الوجود؟!

هذا الإشتياق لإحياء مآتم الحسين من يستطيع أن يتدخل فيه؟

هذا الاشتياق لزيازة الحسين عليه السلام من يستطيع أن يتدخل فيه؟!

ورد عن النبي صلى الله عليه وآله:إنّ لقتل الحسين حرارة في قلوب المؤمنين لا تبرد أبداً

عن الرضا عليه السلام: كان أبي إذا دخل شهر المحرم لا يرى ضاحكا وكانت الكآبة تغلب عليه حتى يمضي منه عشرة أيام فإذا كان يوم العاشر كانذلك اليوم يوم مصيبته وحزنه وبكائه ويقول هو اليوم الذي قتل فيه الحسين عليه السلام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى