أحزان أهل البيت عليهم السلامتغطيات

ذكرى استشهاد الإمام الصادق ملا حسين نجيب | ٢٥ شوال ١٤٤٢هـ

-الإمام الصادق المجدد للدين

عندما نقف مع الإمام الصادق سلام الله عليه وهو المجدد لهذا الدين نجد ان اثره تجاوز زمنه حتى صبغ هذا الدين باسمه فصار يقال المذهب الجعفري. قي أيام المستنصر العباسي قامت جامعة نسبت إليه تسمى المستنصرية، وكانت مقتصرة على مذاهب اسلامية أربعة، وصارت هذه المذاهب الأربعة هي الرائجة بين المسلمين. أما المذهب الذي ذهب على طريق رسول الله صل الله عليه وآله وعلى طريق علي بن أبي طالب أبنائه المعصومين، فهو مذهب أهل البيت عليهم السلام الذي عرف بالمذهب الجعفري.

-علاقة المؤمن بأهل البيت

نعيش اليوم في مأساة أننا لا نقرأ شيئا عن الأئمة عليهم السلام إلا ما شد وندر، وتتركز معلوماتنا على ما يذكره الخطباء أو المحاضرين في يوم ميلادهم أو استشهادهم. ولذلك يقول علماء التربية : يجدر بالمؤمن أن تكون له علاقة خاصة المعصومين. ويقول الشيخ عباس القمي في كتابه منتهى الآمال: يحرص انه اذا مرت ذكرى للإمام في ميلاده او شهادته ان يعظم تلك الذكرى. فمثلا يوم مولد الإمام يُهيئ المؤمن نفسه لهذا اليوم كما يُهيئ نفسه ليوم ميلاد شخص عزيز عليه، فيبتهج بيوم ميلاده، وفي ذكرى شهادته يكون يوم كسار قلبه، ويوم مأساة في قلبه وخاطره. ويضيف الشيخ عباس القمي : ويقتفي أثره. بأن يبحث عن أحاديثه ولو كانوا من القصار ينور بها قلبه، وهذه الأحاديث قيمتها عظيمة، فكان الشيخ عباس القمي لا يكتب الرواية إلا وهو على وضوء، وكان يجلس كما يجلس المصلي للتشهد، جلسة عبد أمام سيده. فأعطي هذا التوفيق والبقاء لأنه ربط نفسه بأهل البيت سلام الله عليهم، وعلى المؤمن أن يحاول أن يربط نفسه المعصومين سلام الله عليهم.

-جامعة الإمام الصادق عليه السلام

ولد الإمام الصادق في ١٧ ربيع الأول سنة ٨هـ، وقيل سنة ٨٠هـ. وهو يوم ميلاد النبي محمد صلى الله عليه وآله، وتولى الإمام سنة ١١٤هـ، واستمرت اماته ٣٤، وكانت إمامته في فترة فسحة، لأن عصر الإمام كان عصر انهيار الدولة الأموية وتفككها سنة ١٣٢هـ. فاستمرت جامعة الإمام الباقر على يد الإمام الصادق عليهما السلام، فجلس الإمام الصادق سلام الله عيه يحدث احاديث أهل البيت، قال الحسن بن علي بن زياد الوشا : إني أدركت في هذا المسجد ، يعني مسجد الكوفة ، تسعمائة شيخٍ ، كل يقول : حدثني جعفر بن محمد عليهما‌ السلام. وقيل أيضا: حتى سارت بعلومه الركبان. كان للإمام مستويان من الدروس، دوس عامة في المسجد يحدث يحدث الناس ويعطيهم القواعد ويأصّل لهم الأصول، وله أيضا دروس خاصة في داره، وهذا المستوى الخاص هو الذي حفظ بالدرجة الأولى علوم أهل البيت.

-توزيع أدوار أصحاب الإمام عليه السلام

الإمام سلام الله عليه كان، يعطي كل واحد من اصحابه دور، جلس أحد أصحاب الإمام الصادق في نقاش مع ابن المقفع وكان -ابن المقفع- من الزنادقة، فأغلظ الصحابي على ابن المقفع، فسأله ابن المقفع: من أي مدرسة أنت؟ فقال له :انا من مدرسة جعفر بن محمد. قال: واعجبا، انا لنجالس جعفر، ويكون بيننا وبينه من الكلام أكثر مما سمعت فلا نسمع منه ما نسمع منك. فنهاه الإمام عن مناظرة الزنادقة، لأن هذا النقاش يحتاج لشخص هادئ، عنده أسلوب في الحديث. وكان الإمام يأمر هشام بن الحكم لمناقشة الزنادقة، وأبان ابن تغلب كان يُفتي الناس في مسجد النبي صلى الله عليه وآله، كان يعطي كل صحابي من أصحابه ما يناسب تخصص وما يناسبه من ذائقته وشخصيته ونمط تفكيره.

-عصر الانفتاح

الوضع الذي كان في عصر الإمام الصادق سلام الله عليه ولد انفتاحا على كل شيئ فجاء ليواجه هذا، فرفض المنهج السائد المعتمد على القياس، ومن اشهر الناس الذين اخذوا بمنهج القياس هو النعمان ابو حنيفة، كان الإمام جالس مع ابي حنيفة فقال: الصلاة أفضل أم الصيام؟ قال ابو حنيفة: بل الصلاة أفضل.. قال عليه السلام: فيجب على قياس قولك على الحائض قضاء ما فاتها من الصلاة في حال حيضها دون الصيام، وقد أوجب الله تعالى عليها قضاء الصوم دون الصلاة.. وقال الإمام: البول أقذر أم المني؟ قال: البول أقذر. قال عليه السلام: يجب على قياسك أن يجب الغسل من البول دون المني، وقد وجب الله تعالى الغسل من المني دون البول. يقول بعض المتتبعين وجدنا الإمام سلام الله عليه شدد وأغلظ على منهج القياس أكثر من اي منهج آخر، أما مثلا منهج المحدثين الذين كانوا ينتقون من احاديث رسول الله صلى الله عليه وآله ولا يوازنون بينها لكن الإمام لم يشدد عليهم لأن هذا منهج في النهاية يرجع إلى حديث، لكن القياس منهج يرجع إلى ذائقة البشر.

-قاعدة حديثي حديث أبي

يقول الإمام الصادق سلام الله عليه: حديثي حديث أبي، وحديث أبي حديث جدي علي بن الحسين، وحديث جدي حديث الحسين بن علي، وحديث الحسين حديث الحسن، وحديث الحسن حديث أمير المؤمنين، وحديث أمير المؤمنين حديث رسول الله صلى الله عليه وآله. وكان الإمام إذا سُأل عن رأيه يقول إننا لا نفتي الناس. فحديث الأئمة متصل بحديث رسول صلى الله عليه وآله، ولهذا كان لا يقول حدثني أبي عب أبيه إلا إذا كان يخاطب شخصا لا يؤمن بإمامته، فيتحدث الإمام الصادق كأنه تابع وناقل لحديث أبيه الباقر سلام الله عليهما.

-أسس قواعد الفتوى عند المسلمين

وضع الإمام الصادق عدة أسس للفتوى منها:
١-رفض ما يخالف كتاب الله. روي عن الإمام انه قال: الإمام : ما جاءكم عنا فاعرضوا على كتاب الله فإن وافقه فخذوه به وإلا فاضربوا به عرض الحائط فإنه زخرف
٢-بيان كيفية معالجة الأحاديث المتعارضة. كان الإمام يوازن بين الرواية المتعارضة، فمثلا تكون بعض الأحاديث مجملة، وبعض الأحاديث تأتي بتفصيل الموضوع. وبعض الأحاديث مثلا يقولها الإمام وهو تحت حد السيف، فتكون تقية، ولذلك يقول الإمام : التقية ديني ودين أجدادي. لا دين لمن لا تقية له.
٣- التفريع من الأصول. كان أهل البيت أسبق الناس في وضع علم الأصول، وكان الإمام الصادق عليه السلام يقول: إنما علينا أن نلقي إليكم الأصول، وعليكم التفريع. هذا حل مشاكل كبيرة، ويقول البعض أن مسائل الفقه ما يوجد منها شيئ في كتاب الله. وتكون الإجابة عليه أنها من الأصول يتم التفريع منها. ولذلك لدينا ما يسمى بالأصول الأربع مئة، هذي الأصول هي أحاديث وردت عن أهل البيت سلام الله عليهم، ويقوم الفقهاء بالتفريط منها واستنتاج الأحكام.
٤- كان الإمام يحث على التدوين. يقول الإمام عليه السلام احتفظوا بكتبكم فإنكم سوف تحتاجون إليها.
وروي عن الإمام : ما من امر يختلف فيه اثنان إلا وله أصل في كتاب الله ولكن لا تبلغه عقول الرجال. صاحب كتاب الميزان جدد في القرآن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى