أحزان أهل البيت عليهم السلامتغطيات

“محطات في حياة الإمام الجواد عليه السلام” ملا علي أبو زهيرة | ذكرى استشهاد الإمام الجواد ١٤٤٢هـ

استهل الملا علي أبو زهرة  المحاضرة بالحديث عن الإمام الرضا (ع) في حق ابنه الجواد (ع) حيث قال :

” لم يولد في الإسلام ولدًا أعظم بركةً منه”

في هذه الليلة نعيش في مدرسة  الإمام محمد بن علي الجواد عليه السلام ، على الرغم من قصر عمره الشريف فقد استطاع أن يشار له بالبنان بين الخاصة والعامة.

وسنتكلم عن أربع ثلاث أو أربع محطات بحسب الوقت إن شاء الله …

 

المحطة الأولى : الإمام الجواد (ع) هو الأصغر عمرًا فهو استشهد بعمر الخامسة والعشرون عامًا، ولكنه استطاع واقعًا أن يربي وينشىء ويبرز المسألة الحتمية والحقيقية للوجود وهو أن المعصوم لا يرتبط مقامه بالمدة الزمنية وإنما يرتبط بالعطاء الذي يقدمه للوجود .

ومسألة العصمة والإمامة لا ترتبط بالمدة الزمنية وهذا هو الحال مع السيدة فاطمة الزهراء حيث كان عمرها ثمانية عشر عامًا ولكنها ارتقت لكي تكون سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين .

وحاصله أن له مقدمات من عالم الذر فتقول في زيارة السيدة فاطمة الزهراء ” يا ممتحنة امتحنك الله قبل أن يخلقكفوجدك لمن امتحنك صابرةً” إذن كان الختيار من عالم الذر.

 

المحطة الثانية : يعتبر الإمام الجواد (ع) هو من تصدى بشكل فعلي لمسألة الخُمس وتعيين الوكلاء وأمر بجلب الحق الشرعي. وهذا ما يثير هذا التساؤل: لماذا لم تكن هناك إشارة من زمن النبي والإمام علي والإمام الحسن والإمام الحسين والإمام زين العابدين والإمام الباقر عليهم السلام للحق الشرعي وهو الخُمس. وهذه مسألة حساسة وقد أثرت على بعض النفوس والتي تثيرها بين الفينة والأخرى.

وفي فترة الإمام الصداق (ع) ابتدأت مسألة جلب الأموال وأكد على حقيقة هذا الحق الشرعي .وفي عهد الإمام الكاظم (ع) وضع الوكلاء . وفي عهد الإمام الجواد (ع) نشر الوكلاء في الأمصار وأكد عل قيمة الحق الشرعي فكانت هناك وكلاء تجبى من قبلهم الحقوق الشرعية .

ونعود للتساؤل ونقول بأن العلماء والفقهاء أجابوا عليه بأمرين ، فالأمر الأول : أن الأحكام الشرعية هي أحكام تدرجية في تطبيقها في أرض الواقع، فالكثير من الأحكام الشرعية التي أمر بها رسول الله (ص) لم تطبق في زمن رسول الله (ص) وإنما طبقت في زمن متقدم من المعصومين.

فالدين قد أكمل من النبي (ص) ولكن هناك بعض التبليغات كان من قبل المعصومين، وبالتالي الاحكام هي أحكام شرعية ومنها الخمس الذي أمر بتطبيقه الإمام الصادق (ع) والمعصومين من بعده.

والأمر الثاني : أن هذا الحق الشرعي (الخُمس) بأمر بتطبيقه الرسول (ص) بنص الآية الكريمة ولكن لماذا لم يكن في عهدهم ، لأن المعصوم يمتلك الحق الولائي فبإمكانه أخذ هذا الحكم الشرعي أو اسقاطه. وبالتالي الدولة الإسلامية في عهد رسول الله والأئمة عليهم السلام كانت تعيش حالة من التضعضع والفقروالعوز ولذلك لم يكن تطبيقه في ذلك مناسبًا كما قال الإمام الجواد (ع) حتى زمن الإمام الصاق (ع) فبدأت الرسالة العملية في تطبيق هذا الحق الشرعي لما له من حاجة ، وفي زمن الجواد (ع) نشر الوكلاء. وكانت تجبى الاموال والحقوق الشرعية بالطريقة المتعارف عليها وكان له دور مهم في هذا الباب .

 

المحطة الثالثة: ما ذُكر في حديث الإمام الرضا (ع) في حق ابنه الإمام الجواد (ع) ” بأنه لم يولد مولود في الإسلام أعظم بركة من الجواد” ونحن نعرف بأن الأئمة عليهم اسلام بركة وهم أعظم خلق الله عز وجل ولكن لماذا يقول الإمام الرضا (ع) فيحدد ويبين بأن هذا المولود هو أعظم بركة من دون غيره من المعصومين ، وهذا راجع لثلاث أمور …

الأمر الأول: ظهور فتنة خطير جدًا على المذهب وعلى الدين والمعتقد وهو ظهور مذهب الواقفة الذي وقف على إمامة الكاظم عليه السلام وادعى أن الإمام هو غائب عن الأبصار وسيأتي في يوم من الأيام وأن ليس هناك إمام من بعده، وهذه مسألة خطيرة والذي أشاعها هم أعمدة ووكلاء الإمام الكاظم (ع) أمثال علي بن حمزة البطاني وغيرهم، فقد كان يعتمد عليهم الإمام الكاظم ، ولكن عندما رؤا من الحقوق والمال انتهزوها فرصة واستولوا عليها. فانحرفوا من أجل حفنة من الأموال، ولذلك يجب أن تمتحن من تريد أن تثق فيه.

وكذلك عملت هذه الفئة على التمسك بأن الإمام الرضا (ع) لم ينجب له ولد، وقد أكد الإمام بأنه سينجب له ولد وقد نشروا الاشاعات في هذا الأمر

الأمر الثاني : تصدى الإمام الجواد (ع) وهو في سن صغيرة لم يتجاوز الثامنة من عمره للإمامة، فهو لم يتجاوز سن البلوغ، كيف له أن يكون إماماً. وهذا جعل بعض النفوس وما بداخلها وخصوصًا من اصحاب  المذهب يحدث لهم بعض التشويش وعدم الإطمئنان التام بحقيقة هذا الأمر، حتى وصل للإمام ليؤكد للدنيا بأكملها بأنه الإمام حتى ولم يتعدى سن البلوغ. وقد ضرب لهم الإمام الرضا (ع) الأمثال كعيسى بن مريم فهو أعطاه الله سبحانه وتعالى النبوة في المهد .

 

المحطة الرابعة : فترة المأمون العباسي في تقريب الإمام الجواد (ع)، فالمأمون يتميز بالدهاء والمكر فأراد أن يغطي ما صدر منه في حق الإمام الرضا (ع)، وأراد أن يوقف نزيف الثورات العلوية فقام بتقريب الإمام الجواد (ع)، ومن خلال هذا التقريب اعترض بنو العباس من هذا التقريب فأراد أن يثبت لهم المأمون بأن أهل لذلك، وكان يأتي بالفلاسفة والعلماء ليسألوا الإمام وما سؤل الإمام بسؤال إلا وأجاب عليه، ويطأطأ برؤوس بني العباس. منها أنهم أتوا بسارق وقد تحيروا كيف يقيموا عليه الحد بعد ثبتت عليه التهمة. وافتى أحدهم بإقمة الحد بقطع اليد من الرسغ، وأفتى آخر بقطعها من المرفق وأفتى آخر بقطعها من الزند، وعندما سألوا الإمام الجواد (ع) ، وقال الإمام الجواد (ع) إنما تقطع من أصل من أصول الأصبع وقد استشهد عليها من القرآن الكريم في قوله تعالى ( إنما المساجد لله ) فإذا قعت اليد من الزند فكيف يسجد، وقد استحسنه المعتصم العباس ولكن الأهواء المذهبية جعلت هؤلاء ينحرفوا عن خط الإمام.

وبذلك استطاع الإمام الجواد (ع) أن يرفع راية أهل البيت للخاصة والعامة وأنه إمام مفترض الطاعة وأنه حير العقول والألباب بما قدمه من نظريات علمية وفكرية ولذلك أدرك المعتصم العباسي بأن لن يستقم له الأمر إلا بالتخلص من الإمام الجواد (ع)

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button