١٤٤٣أحزان أهل البيت عليهم السلامتغطيات

“شكر الله عز وجل” ملا حسن الصالح | ١٣ محرم ١٤٤٣هـ

ملا حسن الصالح
١٢ محرم ١٤٤٣هـ
مأتم آل معراج

قال الله في محكم كتابه “إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا”

هناك حادثة معروفة وهي أنه لما مرض الإمامان الحسن والحسين عليهما السلام نذر الإمام علي وفاطمة الزهراء والحسن والحسين عليهم السلام ومعهم خادمتهم فضة أن يصوموا لله عز وجل ثلاثة أيام، فشفيا الإمامان الحسن والحسين، فلما صاموا جميعا جاءهم في وقت افطارهم مسكين من مساكين المسلمين يطلب الطعام، فأعطوه طعامهم ولم يشربوا إلا الماء، وفي اليوم الثاني جاءهم يتيم يطلب الطعام، فعطوه فَطُورهم ولم يذوقوا إلا الماء، وفي اليوم الثالث جاءهم أسير وأعطوه طعامهم وشربوا الماء.
فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وآله حال سبطيه وابنته فاطمة عليهم السلام  وهم يرتعشون من الجوع أشفق لحالهم، فنزل جبريل وقال: خذها يا محمد، هنّاك الله في أهل بيت. وقرأ عليه سورة الإنسان التي ذكرنا الآية الثالثة منها.
“هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا” سبيل أهل البيت هو سبيل شكر الله عز وجل، أما الطريق الثاني فهو مُبعدٌ عن أهل البيت وطريقهم ونهجهم عليهم السلام، فكيف نكون معهم في طريق شكر نعم الله عز وجل؟

أولا: يجب أن نعرف حقيقة الشكر.
هل حقيقة الشكر هو أن أردد لفظا معينا ١٠٠ مرة مثلا؟ وبعدها يُطلق على أنني من الشاكرين؟ لا، هذا مظهر من مظاهر الشكر، أما حقيقته فهي ليست لفظا، وإن كان اللفظ مطلوبا، لكن يجب أن لا يكون مجرد لقلقة لسان أو مجاملة، لكن يجب أن يكون امتنان قلبي  أن الله هو المنعم وأنا مقصر في حقه عز وجل، “وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها” فأنا غير قادر على شكر نعمة من نعم الله عز وجل، فلولا توفيق الله عز وجل أنا لست بقادر على فعل شيء، فالسبب الأول هو رب العالمين عز وجل.
يُروى عن الإمام الصادق عليه السلام: أوحى الله تعالى إلى النبي موسى عليه السلام: يا موسى اشكرني حق شكري، فقال: يا رب كيف أشكرك حق شكرك، وليس من شكر أشكرك به إلا وأنت أنعمت به علي. فقال الله: يا موسى شكرتني حق شكري حين علمت أن ذلك مني. فالنبي موسى استشعر ان حتى القدرة على شكر النعم نعمة يجب شكرها. النبي سليمان يقول الله على لسانه في القرآن “رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي”
ولا ينبغي شكر الله فقط في النعم، حتى في المصائب، ما دامت من الله عز وجل فإن فيها مصلحة. يرسل الله مثلا نبيه موسى مع الخضر، ويقوم الخضر بقتل نفس بغير نفس، ويسأله موسى مستغربا عن سبب قتل الغلام، فكان رد الخضر “وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا”، فالغلام كان سيكون سببا في دخول أبويه النار، فاختار الله لهما الجنة، وورد في الروايات أن الله أبدلهما بابنة كانت أمًا لسبعين نبيا من أنبياء بني إسرائيل.
ومن هنا نعرف معنى أن الله إذا أحب عبدا ابتلاه، ابتلاء الله لنا في الدنيا سبب لمحو ذنوبنا.

ثانيا ما هو حكم الشكر؟
الشكر واجب عقلا، الله يقول “وقليل من عبادي الشكور” مع أن الله وعد الشاكرين “ولئن شكرتم لأزيدنكم”، فلماذا قليلٌ الشاكرين لله مع أنه وعد الشاكرين له بالزيادة في الخيرات؟ السبب هو الشيطان الرجيم، “ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين” هذا ما وعد الشيطان به، فما الذي يجعل الشيطان قادرا على التسلط على الإنسان؟
الذنوب والمعاصي هي التي تجعل الشيطان قادرا على أن يوسوس للإنسان، فإذا زادت الذنوب والمعاصي يسهُل على الشيطان أن يحرك الإنسان يمينا وشمالا، فللتخلص من الشيطان عليّ أن أتخلص من المعاصي، والمعاصي سببها تعلق الإنسان بالدنيا، فحب الدنيا رأس كل خطيئة، فكلما زاد حب الدنيا زادت المعاصي وتدخل الشيطان في حياة الإنسان، فيُنسي الشيطان المؤمنين التوبة وشكر الله عز وجل. فكيف أقلل من تعلقي بالدنيا؟
أفضل وسيلة لإزالة التعلق بالدنيا هو الإنفاق في سبيل الله عز وجل، يقول الله عز وجل “إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا”، آية أخرى تقول “لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون”، فأهل البيت وصلوا لما وصلوا إليه لأنهم أنفقوا مما يحبون، يقول رسول الله صلى الله عليه وآله: فوق كل ذي بر بر، حتى يقتل في سبيل الله فإذا قتل في سبيل الله فليس فوقه بر. وهذا ما قام به أهل البيت عليهم السلام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى