١٤٤٣أحزان أهل البيت عليهم السلامتغطيات

ملا عباس البربوري | وفاة السيدة رقية | ٥ صَفَر ١٤٤٣هـ

"علم الإمام الحسين عليه السلام بالغيب"

جاء عن الإمام الحسين عليه السلام: استعدوا للبلاء، واعلموا أن الله تعالى حاميكم وحافظكم، وسينجيكم من شر الأعداء.

 

هناك عدة خطابات للإمام الحسين عليه السلام لاسيما في يوم العاشر، بعضها كان خاصًا، ويعضها كان عامًّا، يعني مثلا عندما تكلم مع ابنته سكينة لما كانت في الخيمة وجاء إليها الإمام الحسين عليه السلام، رآها تبكي فقال لها: سيطول بعدي يا سكينة فاعلمي * منك البكاء إذا الحمام دهاني. وعندما أعطى الإمام زين العابدين عليه السلام مواريث النبوة والرسالة، كانت هذه على المستوى الفردي. لكن هناك خطابات وجهها الإمام الحسين إلى أهله أو إلى جيش ابن زياد، والمقطع الذي ابتدأنا به كان إلى أهل بيته وقيل إنه آخر خطاب للإمام الحسين عليه السلام.

نلاحظ في هذا خُطب الإمام الحسين بشكل عام وفي الخطبة التي اقتطفنا منها اخباره ببعض علم الغيب، فهل علم الغيب علم يحصل عليه الجميع أو علم مختص بالله عز وجل؟ علم الغيب هو علم مختص بالله وهناك آيات كثيرة دالة على ذلك، “قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا “، “وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا”، وتوجد الكثير من الآيات الدالة على اختصاص علم الغيب بالله، لكن هناك أيضا آيات قرآنية تبين أن هناك من يمتلك من هذا العلم شيئا، كالخضر في قصته المشهورة مع النبي موسى، إذن علم الغيب علم مختص بالله عز وجل لكن قد يُطلع الله بعض أوليائه على أجزاء منه.

ورسول الله صلى الله عليه وآله أعلم من الخضر وأعلم من الكل الأنبياء، فهو مطلع على علم الغيب بشكل أوسع من غيره، وورد عن النبي محمد صلى الله عليه وآله أنه قال ” ما من ارض مخصبة، ولا مجدبة، ولا فئة تضل مئة، وتهدي مئة، الا انا اعلمها، وقد علمتها أهل بيتي يعلم كبيرهم وصغيرهم إلى أن تقوم الساعة.”، وهناك أشخاص يمتلكون شيئا من علم رسول الله وأهل عليهم السلام، أمير المؤمنين عليه السلام علّم خواص أصحابه شيئا من هذا العلم مثل ميثم التمار وحبيب بن مظاهر الأسدي ورشيد الهجري، ويُروى أنه في يوم من الأيام كان ميثم التمار وحبيب بن مظاهر يتحدثان عند مجلس لبني أسد، وكانا على فرسيهما، فآطالا الحديث حتى اختلفت أعناق فرسيهما، ثم قال حبيب: لكأني بشيخ أصلع، ضخم البطن، يبيع البطيخ عند دار الرزق، قد صلب في حب أهل بيت نبيه عليه السلام، يبقر بطنه على الخشب. فقال ميثم: وإني لأعرف رجلا أحمر له صفيدتان -ضفيرتان-، يخرج لينصر ابن بنت نبيه فيقتل، ويجال برأسه في الكوفة. ثم افترقا، فقال أهل المجلس: ما رأينا أحدا أكذب من هذين. قال: فلم يفترق أهل المجلس حتى أقبل رشيد الهجري فطلبهما، فسأل أهل المجلس عنهما، فقالوا: افترقا وسمعناهما يقولان كذا وكذا. فقال رشيد: رحم الله ميثما ونسي: ويزاد في عطاء الذي يجيء بالرأس مائة درهم، ثم رحل. فقال القوم: هذا والله أكذبهم. وبعض مضي الأيام والليالي حتى رأوا كل واحد منهما قد قتل كما وصف الآخر.

بما أن هؤلاء الثلاثة يعرفون من علم المنايا والبلايا، فكيف بالإمام الحسين عليه السلام؟  فلما يقول الإمام إلى بناته وأولاده استعدوا للبلاء، ويقول لهم إن الله هو حاميكم وحافظكم، نرى في المقابل ما جرى على السبايا من ضرب ووبال وسب وشتيمة، فكيف نوفق بين قول الإمام وبين ما جرى على السبايا؟

هناك عدة أجوبة لهذا الإشكال، لكن أبرزها ما جاء في كتاب قضايا النهضة الحسينية، وهو أن ما كان يفعله العرب في الجاهلية للسبايا من استعباد واسترقاق وبيع وشراء وهتك للشرف وضرب مؤدٍ للموت، لكن لا نرى هذه الأمور في سبايا الإمام الحسين، فلم يستعبد أي أحد، وفي مجلس يزيد قال أحدهم مشيرا إلى السيدة سكينة: يا أمير المؤمنين هب لي هذه الجارية. فقالت السيدة زينب: كذبت والله ولؤمت، والله ما ذلك لك ولا له. فغضب يزيد وقال: كذبت والله إن ذلك لي، ولو شئت أن أفعل لفعلت. قالت: كلا والله ما جعل الله لك ذلك إلا أن تخرج من ملتنا، وتدين بغيرها. وأيضا لم يهتك شرفهم والعياذ بالله، ولم يتعرضوا للضرب المبرح المؤدي للموت، نعم، ضربوا بالسياط، لكن لم يؤدي ذلك إلى الموت، إلا السيدة رقية ماتت هناك لكن لم يكن بسبب الضرب الذي أصابهم، وإنما ماتت حزنا وألما على فقد أبيه الحسين عليه السلام، إذن الحماية والحفظ كانت من البيع والشراء، من القتل، ومن هتك الشرف.

السيدة رقية عليها السلام قيل ولدت في سنة ٥٧ للهجرة، وكان عمرها في كربلاء بين ٤ و٥ سنوات، يعني في عمر الإمام الباقر عليه السلام، واختلف في أمها، وكانت شديدة التعلق بأبيها الإمام الحسين عليه السلام، فكانت تفرش المصلى لأبيها عليه السلام في الليل وتقلده عندما يقوم للصلاة.

 

ملا عباس البربوري
ملا عباس البربوري

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى