١٤٤٣أحزان أهل البيت عليهم السلامتغطيات

“صلح الإمام الحسن عليه السلام” ملا حسن الصالح | استشهاد الإمام الحسن عليه السلام | ٧ صَفَر ١٤٤٣هـ

ملا حسن الصالح
استشهاد الإمام السجاد عليه السلام
٢٥ محرم ١٤٤٣هـ
مأتم آل معراج

قال رسول الله صلى الله عليه وآله “الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة”

حري بالمؤمنين أن يتعرفوا على سيرة الإمام الحسن عليه السلام، وللأسف لا يُتعرض إلى سيرته إلا في ليلة وفي ليلة شهادته عليه السلام، وبعض المآتم جزى الله القائمين عليها يقيمون العشرة الحسنية. وسنعرض هنا أكثر قضية صار عليها خلاف وهي قضية الصلح أو المهادنة مع معاوية، وسيكون الكلام في ثلاث نقاط، وهي ثلاث وجهات النظر لقضية الصلح، الوجهة الأموية، والوجهة العباسية.

  1. الوجهة الأموية
    يقول الأمويون أن معاوية هو الذي دعا إلى الصلح، وأيضا يدعون أنه قدم أموالا إلى الإمام الحسن المجتبى عليه السلام لكي يقبل الإمام هذا الصلح، وأن معاوية أراد بهذا الصلح أن يوحد الناس، وسمي ذلك العام بعام الجماعة بفضل معاوية.
    أ- ادعاء أن معاوية هو من سعى للصلح.
    الرد على هذه الفكرة من كتبهم، ففي البخاري حديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله يقول “إن ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين”، ونحن نحجهم بما حجوا به أنفسهم -وإن كنا نعترض على مضمون الحديث وسنده-، فإذا كانوا يرون أن الله سيصلح بالإمام عليه السلام بين فئتين فلا يمكن أن يكون معاوية هو من سعى للصلح.
    ب- ادعاء أن الإمام الحسن لم يقبل إلا لأجل المال.
    هذا الادعاء يصور الإمام الحسن على أنه طالب دنيا، حاشاه ذلك، فالإمام الحسن صاحب قضية ومبدأ، ورسول الله صلى الله عليه وآله يقول “الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة”، السيد هو الرفيع والعظيم، وإذا كان في الآخرة لابد أن يكون سيدًا في الدنيا، ولا يعقل أن سيد شباب أهل الجنة هو طالب دنيا ومال.
    جـ-ادعاء أن معاوية هو الذي أراد توحيد المسلمين.
    في عقيدتنا الإمام هو الذي يرى أين تقع المصلحة، وهو من يسعى لها، وليس غيره، فهذا دور الأئمة عليهم السلام، ورسول الله صلى الله عليه وآله يقول “ولو كان العقل رجلا لكان الحسن”، فالإمام الحسن هو الذي أراد توحيد المسلمين.
  2. الوجهة العباسية
    والعباسيون ذكروا ما هو أشد وأكثر شناعة من الأمويين، هذا وهناك صلة قرابة بينهم وبين الإمام الحسن عليه السلام، فأبناء العباس بن عبد المطلب وأبناء الإمام علي بن أبي طالب أبناء عمومة، ومع ذلك النسب إلا أنهم كانوا ممن سقط في شخصية الإمام الحسن عليه السلام.
    علماؤنا يقولون إن تسقيط بني العباس للإمام الحسن كان لأن أبو جعفر العباسي -ثاني خلفاء الدولة العباسية بعد أبو العباس السفاح- اتفق مع بني هاشم وعلى رأسهم محمد بن عبد الله بن الحسن المجتبى عليه السلام -حفيد الإمام الحسن عليه السلام-، وهو المعروف بالنفس الزكية لصلاحه وشجاعته وحسن أخلاقه، على أن يثوموا بثورة ضد بني أمية، واتفقوا على أن يجعلوا البيعة لمحمد بن عبد الله بن الحسن المجتبى، ويروى أن الإمام الصادق قال أن هذا الأمر لا يتم، يعني استلام محمد للخلافة، ولن يبايعه بني العباس، فلما قامت الثورة وانتصر بني العباس واستلم أبو جعفر الحكم، كان عليهم أن يبايعوا محمد بن عبد الله، فقام بني العباس بثورة ضد بني هاشم، واشتبكوا في المدينة، فقتل بني العباس جماعة من بني هاشم وسجنوا جماعة أخرى.
    فلما انتصر أبو جعفر على بني هاشم أراد أن يبين للناس أنه هو الأحق بالخلافة، فكتب وثيقة رسمية يشتع فيها علـى الإمام الحسن وأبنائه، فكأنما يقول للناس أن انظروا إلى سيرة الإمام الحسن جد محمد بن عبد الله فجاء بعدة أمور نذكر بعضها.
    أ- الإمام الحسن ليس برجل.
    روي أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال للإمام الحسن عليه السلام “أشبهت خلقي وخلقي”، والقرآن وصف خلق رسول الله  بالعظيمة في قوله تعالى “وإنك لعلى خلق عظيم”، فإذا رسول الله صلى الله عليه وآله أخلاقه عظيمة، والإمام الحسن عليه السلام أخلاقه مشابهة لأخلاق جده، فلا يُعقل أن يكون ليس برجل.
    ب-الإمام الحسن نزل عن الخلافة.
    الخلافة والإمامة ليست عمل وظيفي كالطبابة والهندسة والتعليم، وليس لها عمر بعده يتقاعد، بل هذا تكليف من الله عز وجل لا يجوز أن يتنازل عنه أحد.
    جـ-كان الإمام الحسن مزواجًا مطلاقًا.
    ذكر بعض المؤرخين أن الإمام الحسن تزوح ما يصل إلى ٣٠٠ زوجة، وفي اليوم الواحد يطلق أربع ويتزوج أربع غيرهن، ويصورون الإمام الحسن على أنه لا تحكمه إلا الشهوات والعياذ بالله، فيقولون إنه تزوج امرأ مهرها ١٠٠ جارية، وكل جارية في يدها ١٠٠٠ درهم، وهذا كلام واهي، فلا يجوز للإمام أن يتزوج مادامت زوجاته في عدتهن، وأراد بني العباس أن يشنعوا على الإمام الحسن عليه السلام؛ كي يتمكنوا من اضعاف شخصية حفيده محمد بن عبد الله الذي ثار عليهم.
  3. الوجهة الإمامية
    يروى عن الإمام الباقر عليه السلام أنه قال “والله للذي صنعه الحسن ابن علي -عليهما السلام- كان خيرا لهذه الأمة مما طلعت عليه الشمس” ، خير مما طلعت عليه الشمس هذا يعني أن البحار والأرض والأشجار وكل ما على الأرض في كفة، وما صنعه الإمام الحسن في كفة، ترجح كفة الإمام الحسن على الكفة الأخرى.
    وسأل أحدهم الإمام الحسن عليه السلام عن علة مصالحته مع معاوية، فقال له إن علة المصالحة مع معاوية هي نفسها علية مصالحة رسول الله صلى الله عليه وآله في صلح الحديبية، لما جاء النبي صلى الله عليه وآله لكي يدخل مكة منعته قريش، فأراد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله القتال، لكنه لم يقاتل؛ لأنه لم يبعث إلا للسلام، وهذا ما نجده في الأئمة عليهم السلام فروي عن الإمام الحسين أنه قال “فإني أكره أن أبدأهم بالقتال”، وأراد رسول الله صلى الله عليه وآله بهذا الصلح أن يفضح القرشيين، فهم يدعون أنهم حماة المسجد، وأنهم يؤمنون السبل، ويحمون زوار بيت الله، فكأنما رسول الله صلى الله عليه وآله يقول لهم أننا لم نأتي مقاتلين، بل أردنا الحج، ومع ذلك منعتمونا، فبهذا الصلح بين رسول الله صلى الله عليه وآله للناس زيف ادعاءاتهم.
    وما اتضح من صلح الحديبية اتضح أيضا في صلح الإمام الحسن، فتبين زيف معاوية، ما إن جلس على كرسي الحكم قال “إني والله ما قاتلتكم لتصلوا ولا لتصوموا ولا لتحجوا ولا لتزكوا إنكم لتفعلون ذلك، إنما قاتلتكم لأتأمر عليكم وقد أعطاني الله ذلك، وأنتم كارهون”، وبهذا الصلح حافظ الإمام الحسن على دماء المسلمين، وخصوصا شيعتهم صلوات الله عليهم، وأوقف سب أمير المؤمنين عليه السلام.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى