١٤٤٣أحزان أهل البيت عليهم السلامتغطيات

“أدوار الإمام السجاد عليه السلام” ملا حسن الصالح | استشهاد الإمام السجاد عليه السلام | ٢٥ محرم ١٤٤٣هـ

ملا حسن الصالح
استشهاد الإمام السجاد عليه السلام
٢٥ محرم ١٤٤٣هـ
مأتم آل معراج

ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا كان يوم القيامة ينادي مناد أين زين العابدين؟ فكأني أنظر إلى ولدي علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب يخطر بين الصفوف.

البعض يتصور الإمام السجاد عليه السلام أنه بقي طوال حياته مريضا منحني الظهر، ويبكي طوال يومه إلى أن استشهد سلام الله عليه، ولم يكن له دور آخر، وهذه صورة خاطئة، فإذا جئنا لحياته سلام الله عليه فقد اختلف في عمره فقد يكون ٥٦ سنة أو ٥٨ أو ٦٠ سنة، وبقي بعد أبيه الحسين عليهما السلام حوالي ٣٤ سنة، لكن مرضه عليه السلام في أقصى التقادير امتد إلى رجوعه أرض المدينة.
تذكر الروايات أنه كان مبطونا، أي ان معدته لا تمسك الطعام حتى يستفيد جسمه منه، وكان هذا المرض حكمة إلهية من الله عز وجل، فلو لم يكن مريضا سلام الله عليه لوجب عليه الجهاد، فقد ورد عن الإمام الحسين عليه السلام “فوالله لا يسمع واعيتنا أحد ثم لا ينصرنا إلا أكبه الله في نار جهنم”، فسقط عن الإمام زين العابدين الجهاد لمرضه، واستمر بوجوده خط الإمامة، وكانت للإمام أدوار عديدة في حياته نذكر ثلاثة منها، ونتطرق إلى بعض جوانب حياة الإمام بعدها.

  1. الدور الاجتماعي والسياسي والأخلاقي.
    لما نأتي إلى هذا لا يمكننا أن نحمله فقط على الجانب الاجتماعي، لكنه أيضا يحمل جانبين سياسي وأخلاقي، خصوصا لما نرجع إلى كلام الإمام نلاحظ قلة من يحب أهل البيت في ذلك الزمان، ” ما بمكة والمدينة عشرون رجلا يحبنا”، ” ارتد الناس بعد الحسين عليه السلام إلا ثلاثة: أبو خالد الكابلي ويحيى بن أم الطويل و جبير بن مطعم”، مع ان المئة عائلة قد يكون فيها أكثر من ٥٠٠ فرد.
    وقوله عليه السلام “عشرون رجلا يحبنا” معناها ليس فقط ينتمي الينا، ولكن حبهم يشمل تولي أوليائهم والتبري من أعدائهم، ولكن على قلة من يحبهم كانت هذه أخلاقهم عليهم السلام، ولا ننسى الرواية أن الإمام الحسين عليه السلام بكى على من خرج لقتاله لأنهم يدخلون النار لقتالهم له.
  2. الدور العلمي.
    المدرسة الباقرية والصادقية التي بدأها الإمام زين العابدين عليه السلام كان يعلم الناس فيها في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله، كان لها دورٌ كبير في رفع الحصيلة العلمية عند المسلمين، يروي أحد علماء المسلمين وهو الزهري أنه دخل مرة على الإمام زين العابدين عليه السلام، فقال له الإمام: يا زهري، من أين جئت؟ فقلت: من المسجد، قال: فيم كنتم؟ قلت: تذاكرنا أمر الصوم فاجتمع رأيي ورأي أصحابي على أنه ليس من الصوم شيء واجب إلا صوم شهر رمضان. فقال: يا زهري ليس كما قلتم الصوم على أربعين وجها. وعددها الإمام جميعها. وهو القائل عليه السلام ” شرقا وغربا فلا تجدان علما صحيحا إلا شيئا خرج من عندنا أهل البيت”.
  3. رسالة الحقوق والصحيفة السجادية.
    كتب الإمام عليه السلام رسالة الحقوق التي تحتوي على خمسين قسما يجب أن نتعرف عليها وعلى الحقوق التي علينا أن نوفيها، وأراد الإمام بهذه الرسالة أن يهذب الأمة الإسلامية بعد فترة سوء واضمحلال للأخلاق، ويذكر لنا التاريخ عما حدث في واقعة الحرة وغيرها من الحوادث.
    فالإمام السجاد كانت له حركة تهذيب للمجتمع الإسلامي من خلال الصحيفة السجادية التي تحتوي على الكثير من الأدعية التي تقرب المؤمن لربه، ومن خلال رسالة الحقوق.

الإمام السجاد عليه السلام ركز على تربية الأبناء تربية صالحة، البعض يعتقد أن التربية فقط توفير الأكل والشرب والأشياء المادية، لكن الاخلاق والعبادة ليست جزء منها، وهذه فكرة ليست صحيحة، فيجب إعطاء كل هذه الجوانب اهتماما خاصا بها، وذكرنا سابقا أن الطفل بحاجة لقدوة حسنة يتعلم منها، فعلى الآباء أن يهتموا لسلوكهم لأنهم يكونون قدوة لابنهم.

الإمام زين العابدين كان يشتري العبيد والإماء ويربيهم ويعلمهم ثم يعتقهم، فيقول لهم قولوا: اللهم اعف عن علي بن الحسين كما عفا عنا، فأعتقه من النار كما أعتق رقابنا من الرق. فلما أبناؤه ومن حوله يرون هذا العمل يتعلمون منه حسن المعاملة والإحسان للغير. ومرة كان للإمام السجاد عليه السلام جارية سقط ابريق من يدها فأصاب وجه الإمام عليه السلام فقالت الجارية: إن الله عز وجل يقول: والكاظمين الغيظ .فقال لها: قد كظمت غيظي. قالت: والعافين عن الناس فقال لها: قد عفا الله عنك. قالت:  والله يحب المحسنين. قال: اذهبي، فأنت حرة.

تزوج الإمام السجاد فاطمة بنت الحسن المجتبى سلام الله عليهم، والذي يقول عنها الإمام الصادق “كانت صديقة لم يدرك في آل الحسن مثلها”، ويُروى عن الإمام الباقر عليه السلام قال “كانت اُمّي قاعدة عند جدار، فتصدّع الجدار، وسمعنا هدّة شديدة، فقالت بيدها: لا وحقّ المصطفى ما أذن الله لك في السقوط، فبقي معلّقاً في الجو حتّى جازته، فتصدّق أبي عنها بمئة دينار” وأنجب منها الإمام الباقر عليه السلام، وأنجبت له أيضا ولد اسمه عبد الله الباهر.
عبد الله الباهر أُعطي هذا اللقب لشدة جماله، ونقل أحاديث كثيرة عن آبائه عليهم السلام، مثل الرواية المنقولة عن النبي صلى الله عليه وآله ” إن أبخل الناس من ذكرت عنده ولم يصل علي”، وكان أبناء الإمام السجاد من فاطمة بنت الحسن منتسبين إلى فاطمة الزهراء سلام الله عليهم من جهة الأم والأب.
من أبناء الإمام السجاد زيد الشهيد، الذي يقال أنه أمه أمة أعطاها المختار الثقفي إلى الإمام السجاد، واسمها حوراء، وعندما أراد تسمية ابنه زيد فتح القرآن فكان في أول الورقة “وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما” فأغلق المصحف وفتحه مرة أخرى فكان في أول الورقة هذه الآية : إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله. فقال عليه السلام هو والله زيد هو والله زيد.
وكان عمر الأشرف من أبناء الإمام السجاد عليه السلام، وأعطي لقب الأشرف للتفريق بينه وبين عمر بن الإمام علي عليه السلام الذي سمي عمر الأطرف؛ لأنه كان ينسب لفاطمة الزهراء من جهة واحدة وهي جهة الأب، أما عمر الأشرف كان ينتسب لفاطمة الزهراء من أمه وأبيه، وكان عالما فقيها عكس الأطرف، الذي كان ينازع الأشرف في مسألة التولي على آبار حفرها الإمام علي عليه السلام، وكان المكان الذي يحفر فيه أمير المؤمنين بئرا تصبح حوله بساتين كثيرة، فأوقفها الإمام لعامة المسلمين وجعل الولاية عليها لأبناء علي وفاطمة، فمحمد بن الحنفية وابناؤه مثلا لم تكن لهم الولاية عليها، لكن بني أمية أعطوا الولاية إلى الأطرف لعدائهم إلى أهل البيت سلام الله عليهم. كان عند الإمام السجاد عليه السلام الحسين الأصغر وسليمان ومحمد الأصغر، ورباهم إمامنا عليه السلام أفضل تربية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى